إن الجهل الذي استشرى في هذه الأمة، والأمية الدينية التي يتصف بها كثير من المسلمين، وغلبة الفتن في هذا الزمان - أوجد للبدع سوقًا رائجة، فإذا نجم مبتدع أو ظهرت بدعة، استحسنها كثير من الناس، وسارعوا في نشرها، والعمل بها كأنها دين متبع.
وقد انتشرت في أيدي الناس ورقة عبارة عن رسالة من فتاة مجهولة، تدَّعي فيها أنها مرضت مرضًا أعجز الأطباء، فزارت قبر السيدة زينب، وطلبت عنده من الله الشفاء، فجاءتها السيدة في المنام، وسكبت في حلقها بعض الماء، وقالت لها: قومي فقد شفيت بإذن الله، وأوصتها بكتابة الواقعة اثنتي عشرة مرة وتوزيعها على الناس، وزعمت أن رجلاً فقيرًا اهتم بالورقة وكتبها ووزعها فأصبح غنيًّا، وأن رجلاً لم يهتمَّ بها فأودع السجن، وآخر فقد كلَّ ثروته، ثم زعمت أن من يكتبها اثنتي عشرة مرة، أو يصورها ويوزعها على الناس، فسوف يحصل على ما يتمناه بعد اثني عشر يومًا، فإن لم يفعل فسوف تصيبه مصيبة عظيمة.
ما أشبه هذه الورقة بالوصية المزعومة للشيخ أحمد، الخادم المزعوم للمسجد النبوي، والتي تظهر على الناس منذ سنوات عديدة.
إن في هذه الورقة مخالفات صريحة لدين الله:
أ- فهي تلبس على الناس في أمر العقيدة، فيعتقدون تصرف الأولياء والأدعياء في الكون، وقدرتهم على النفع والضر.
ب- وتزين للناس سؤال الأموات من دون الله تعالى.
ج- وفيها إشارة إلى أن الدعاء عند القبر يكون مقبولاً.
د- إن هذه الورقة تربط عوام المسلمين بأوهام ما أنزل الله بها من سلطان، فيا طالب الغنى والجاه لا تسأل الله، ولا تتوكل عليه، ولا تأخذ بالأسباب المشروعة، وإنما عليك بكتابة هذه الورقة وتوزيعها، ولا تنس ما في الرقم (12) من سر مكنون.
سبحان الله!
ما هذا السخف؟! وما هذا الجهل الذي يفضي إلى الشرك - والعياذ بالله؟! وأين نحن من كتاب الله، وسنة نبيه - صلَّى الله عليه وسلَّم؟!